نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لطاعته، وأن ينفعنا بهذا القرآن العظيم. وأسأل الله أن يجعل القرآن نورًا وهدى لنا جميعًا
القرآن موعظة للبشرية
عندما نتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن عليه، نجد أن هذا الكتاب الكريم لم يكن مجرد رسالة للمسلمين فحسب، بل كان موعظة للإنسانية كلها. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب به قلوب الناس وعقولهم، مسلمين وغير مسلمين. يقول الإمام علي رضي الله عنه عن القرآن: "فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم". هذا الكلام العظيم له جاذبية فريدة تخترق النفوس وتؤثر في القلوب
القرآن الكريم له تأثير لا يشبه أي كلام آخر، وهو السبب في انتشار الإسلام وكثرة أتباعه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي إلا أُوتي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة". قدسية القرآن وسحر بيانه هما سر قوته وتأثيره
جاذبية القرآن على غير المسلمين
تأثير القرآن الكريم لا يقتصر على المسلمين، بل يتعدى إلى غير المسلمين. وقد أثبتت التجارب أن الاستماع للقرآن يؤثر بعمق في نفوس من لا يعرفونه أو يفهمونه. أحد الأمثلة المؤثرة هو قصة شاب عرض آيات من القرآن على أناس في أمريكا، فكانوا يبكون بمجرد سماع التلاوة، رغم أنهم لا يعرفون شيئًا عن الإسلام. هذا الأثر العجيب يشير إلى العلاقة الفطرية بين الإنسان والقرآن.
القرآن وعلاقته بالإنسان
القرآن الكريم يرتبط بكيان الإنسان وتركيبه النفسي والجسدي. يقول الله تعالى: "الرحمن علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان". في هذه الآية، يربط الله سبحانه بين خلق الإنسان وتعليمه القرآن، مما يدل على أن القرآن هو الأساس في تقويم الإنسان وإعادته إلى حالته المثلى. فالإنسان يظل في أحسن تقويم ما دام مرتبطًا بالوحي، وإذا ابتعد عنه فإنه يتدهور إلى أسفل سافلين
القرآن ليس خاصًا بالمسلمين
من الخطأ أن يُنظر إلى القرآن على أنه خاص بالمسلمين فقط. نعم، أهل الإيمان هم أكثر انتفاعًا به، ولكن القرآن يخضع لعظمته كل من يستمع إليه. عندما نزلت سورة النجم، قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في مكة، ورغم إنكارهم، تأثروا بجلال القرآن وسجدوا عند سماعه، إلا رجلًا واحدًا وضع التراب على جبهته ورفض السجود، لكنه قُتل كافرًا فيما بعد.
أسباب قوة تأثير القرآن
تأثير القرآن يعتمد على عدة عوامل، أهمها
- فهم المعاني: القرآن مؤثر أكثر على من يدرك معانيه ويدرك فصاحته. هذا هو السبب في أن العرب الفصحاء كانوا أول من تأثروا به وخضعوا لجلاله
- التدبر والتفكر: قراءة القرآن مع فهم وتأمل تعظم أثره على النفس
النبي صلى الله عليه وسلم واجه المشركين الذين كانوا يتسللون للاستماع للقرآن سرًا رغم رفضهم العلني له. القرآن ببيانه وإعجازه لا يزال يُذهل الفصحاء ويخضع رقابهم
****
القرآن الكريم هو نور وهدى وموعظة للبشرية جمعاء. ينبغي أن يكون وعظنا وتذكيرنا وإرشادنا دائمًا مستندًا إليه، لأنه خطاب الله إلى خلقه. علينا أن نتدبره ونعي معانيه، لا لأنفسنا فقط، بل لننقله إلى غيرنا. نسأل الله أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء لما في صدورنا

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق