كيف أستمر في حفظ القرآن الكريم ولا أتوقف
حفظ القرآن الكريم هو مشروع عظيم، لا يعرف الفشل. لماذا؟ لأنك حتى لو توقفت، فأنت قد حققت شيئًا رائعًا. المهم ألا تتراجع وتنسى ما حفظت
سنتناول خلال جزئين ( هذا المقال الأول) خطوات عملية تساعد على الاستمرار في حفظ القرآن الكريم، والتغلب على التحديات التي قد تواجه أي شخص يقرر حفظ القرآن
الاستمرار في حفظ القرآن الكريم غالبًا ما يتأثر بعدة عوامل، مثل ضعف الحافز، قلة الدعم، وغياب المشجعين من حولنا. هذه الأمور قد تعيقنا، ولكن لا تقلق،للتغلب عليها نبدأ
أولاً: طلب التوفيق من الله عز وجل
حفظ القرآن الكريم يتطلب أولاً الاستعانة بالله والنية الصادقة. إذا لم يكن توفيق الله حليفك، فمشروعك هذا لن يكتمل. إذًا، كيف نحصل على التوفيق؟
بالدعاء المستمر. اجعل الدعاء عادة يومية صباحًا ومساءً، في السر والعلن، واطلب من الله أن يعينك على حفظ كتابه
الدعاء بعبارات بسيطة ومتكررة مثل
"يا رب حفظني القرآن الكريم".
"اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي".
"اللهم اجعلني من أهل القرآن وخاصتك".
الدعاء القصير سيساعدك على الدعاء في كل صلاة وفي كل سجدة بسهولة، مما يعزز علاقتك بالله ويُبقي هدفك دائمًا في ذهنك
ثانيًا: الإخلاص والنية الصادقة
حفظ القرآن الكريم ليس مجرد مشروع شخصي، بل هو عبادة عظيمة تتطلب إخلاصًا خالصًا لله عز وجل. الإخلاص هو الأساس الذي يبني عليه النجاح في حفظ القرآن
الشيخ ياسر الدوسري يتحدث عن حافظ القرآن الذي يصلي بالناس، وقال
الله عز وجل اصطفاك أولاً من بين مليارات البشر بأن جعلك مسلمًا
ثم اصطفاك من بين مليارات المسلمين بأن جعلك من أهل السنة والجماعة
ثم منّ عليك بحفظ القرآن الكريم، وهو شرف عظيم
وبعد ذلك، رزقك العلم بالقرآن، فتعلمت عن الله عز وجل وعن الأنبياء والرسل
وأخيرًا، جعلك إمامًا تصلي بالناس، تحمل أمانة عظيمة وتُقدّم قدوة حسنة
هذه المراحل كلها تذكّرنا بأهمية الإخلاص في حفظ القرآن الكريم والعمل به. فكلما زاد إخلاصك، زاد توفيق الله لك في هذا الطريق
إذا كان هدفك أن تكون من أهل القرآن وخاصته، فلا تجعل ضعف الحافز أو قلة الدعم يثنيك. بدعاء صادق وإخلاص في النية، ستجد الله ييسر لك هذا المشروع العظيم، وستصبح بإذن الله من الحافظين العاملين بكتابه
ثالثا :الإخلاص في التلاوة والعمل
اذا كنت في جماعة، تصلي إمامًا، وقد أنعم الله عليك بالإسلام، الهداية، حفظ القرآن، والعلم به، فأنت الآن في مرحلة حرجة جدًا. هذه المرحلة ليست منطقة رمادية أبدًا، بل هي خيار واضح: إما أن تكون صلاتك وتلاوتك خالصة لوجه الله عز وجل، أو أن تكون أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، والعياذ بالله.
جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة"، ومن بينهم رجل حفظ القرآن ليُقال عنه "حافظ". فتخيل، بعد كل الجهد الذي بذلته في الحفظ والعمل، تُصبح أول من يدخل النار، فقط لأن نيتك لم تكن خالصة لله
أما إذا كانت تلاوتك خالصة لوجه الله عز وجل، فستُقال لك يوم القيامة: "اقرأ وارتقِ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها". يا له من شرف عظيم! هذا هو فضل أهل القرآن، الذين يرتقون في مراتب الجنة بحسب قراءتهم للقرآن الكريم
رابعا :الإخلاص والنية الصافية
لذلك، اجعل نيتك دائمًا خالصة لله عز وجل. ليكن شعارك في الحفظ والتلاوة: "اللهم إني أسألك الإخلاص في القول والعمل". أكثر من الدعاء بهذا، واطلب من الله التوفيق والإخلاص في مسيرتك لحفظ القرآن الكريم
خامسا : الاستغفار
الاستغفار يفتح الأبواب المغلقة و هو مفتاح التوفيق. أكثر من قول: "أستغفر الله" في كل وقت، فبفضل الاستغفار تفتح لك المغاليق، وييسر الله لك الطريق لحفظ كتابه الكريم
سادسا: التخطيط والتنظيم
الآن دعونا ننتقل إلى الجانب العملي. حفظ القرآن الكريم مشروع عظيم يتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنظيمًا. لا يمكن تحقيقه بعشوائية، لذا ضع خطة واضحة وجدولًا زمنيًا محددًا
نصائح عملية للتخطيط
ابدأ يومك بحفظ القرآن
أفضل وقت للحفظ هو الصباح الباكر، عندما يكون ذهنك صافيًا. كما يقول براين تريسي: "ابدأ بالأهم ولو كان صعبًا". إذا بدأت يومك بحفظ القرآن، ستشعر بالبركة طوال اليوم، وستصبح بقية المهام سهلة
حدد وقتًا يوميًا ثابتًا للحفظ والمراجعة
اجعل وقت الحفظ ثابتًا، مثل أول ساعات الصباح. هذا يساعدك على الالتزام ويجعل الحفظ جزءًا من روتينك اليومي
ابدأ بالمشروع الأهم
تعامل مع حفظ القرآن كما يتعامل التاجر مع تجارته، فهو مشروعك الأعظم الآن. إذا بدأ يومك بكلام الله، ستشعر بطاقة إيجابية وبركة لا تضاهى
حافظ على الحماس
اشرب فنجان قهوة إن أحببت، وأعد ذهنك وجسدك لاستقبال كلمات الله بأفضل حال
ابدأ مشروع حفظ القرآن بنية صادقة، دعاء مستمر، واستغفار دائم. خطط وقتك وابدأ يومك بما هو أعظم شيء في حياتك، وهو كلام الله عز وجل. فهذا هو الطريق إلى النجاح في الدنيا والآخرة
البداية المبكرة
كحافظ للقرآن، اجعل البداية المبكرة هي مفتاح نجاحك وأنت أولى بالنهج الصحيح
ابدأ مشروع حفظ القرآن في بداية اليوم، فهذا الوقت مليء بالبركة والطاقة. عن النبي صلى الله عليه وسلم: "بورك لأمتي في بكورها"، وهو حديث صحيح يبين أن البركة تكون في الأعمال التي تُنجز في أول النهار
عندما تبدأ يومك بحفظ القرآن، تشعر أن يومك أطول وأكثر بركة، وكأن الساعات تتضاعف. يومك الذي عادةً ما يبدو وكأنه 24 ساعة، سيبدو أطول، مليئًا بالإنجاز والطاقة الإيجابية
تحديد وقت ثابت للحفظ والمراجعة
ضع لنفسك جدولًا زمنيًا يوميًا للحفظ والمراجعة. إن كان من الصعب عليك الحفظ في بداية اليوم، فلا بأس أن تجعله في النصف الأول من النهار. مثلاً، بين الساعة 10 صباحًا إلى الظهر، واحرص أن تنتهي من الحفظ قبل دخول وقت العصر
اجعل مشروع الحفظ أولوية قصوى. كما يقول "وارن بافيت" عن التركيز: "رتب أولوياتك واختر الأهم، ثم تجاهل البقية". قم بتصنيف أولوياتك اليومية، وضع حفظ القرآن في الصدارة، لأنه مشروعك الأكبر والأهم
تقسيم الهدف الكبير إلى أهداف صغيرة
عندما تبدأ مشروع حفظ القرآن، قسم الهدف الكبير إلى أجزاء صغيرة يمكن تحقيقها. مثلاً: القرآن يتكون من حوالي 600 صفحة. إذا قررت حفظ صفحة واحدة يوميًا، ستتمكن من إتمام الحفظ خلال سنتين
قد تبدو سنتان فترة طويلة للبعض، ولكن تأمل: السنين تمر بسرعة. ألم تشعر أن سنوات الجائحة مرت كأنها أيام؟ سنتان هي فترة قصيرة جدًا عندما تتعلق بمشروع عظيم كحفظ القرآن الكريم. وإذا وجدت أن حفظ صفحة واحدة يوميًا كثير، يمكنك البدء بنصف صفحة يوميًا، ثم زيادة المعدل تدريجيًا
الوقت اللازم لحفظ الصفحة
حفظ صفحة واحدة من المصحف قد يستغرق حوالي 15 دقيقة عند التركيز الشديد. هذا ليس وقتًا طويلاً مقارنة بقيمة الإنجاز. في الدورات المكثفة التي كنت أحضرها، كنا نحفظ 5 إلى 6 صفحات في ساعتين، وأحيانًا أكثر. أتذكر مرةً حفظت 16 صفحة في ساعتين خلال دورة مكثفة.
الالتزام بهذه النصائح للاستمرار في حفظ القرآن
ابدأ يومك بحفظ القرآن واجعل هذا المشروع في قمة أولوياتك. قسم أهدافك الكبيرة إلى خطوات صغيرة يمكن تحقيقها، والتزم بجدول يومي ثابت. تذكر أن حفظ القرآن مشروع حياة لا يعرف الفشل، وأن السنين ستمضي على أي حال، فاجعلها تمر وأنت تحقق أعظم إنجاز يمكن أن يحققه الإنسان،الاستمرار و الانضباط يؤدي بك الى الاتقان ليس فقط الحفظ ، فالفارق كبير بين الحفظ و الاتقان حيث
يمكنك حفظ صفحة واحدة في 15-20 دقيقة، لكن الإتقان يحتاج إلى وقت إضافي. الإتقان يعني أن تكون قادرًا على استرجاع الصفحة بسهولة، وهو ما يتطلب مراجعات متكررة. الحفظ السريع مفيد، لكن بدون إتقان قد تفقد ما حفظت بسرعة،اهتم بالإتقان عبر تكرار المراجعة. استخدم بيئة محفزة، وكن مرنًا في جدولك، لكن لا تجعل الحفظ يتجاوز منتصف اليوم. بقليل من الجهد والتركيز، ستحقق إنجازًا عظيمًا بإذن الله
أفضل طريقة لحفظ القرآن هي التكرار. لا يوجد بديل عن هذه الطريقة. بعد أن تحفظ الصفحة، كررها على الأقل 20 إلى 30 مرة، وإن استطعت الوصول إلى 40 مرة فهو أفضل. السر في ذلك كما يروى عن الشناقطة (علماء موريتانيا) أنهم يعتبرون التكرار 40 مرة بداية الحفظ فقط
هناك أيضًا شيخ آخر كان يكرر كل صفحة بعدد صفحات المصحف، أي يكرر الصفحة الواحدة 600 مرة، لضمان الحفظ المتقن. لذا، إذا كنت تريد حفظًا قويًا ومستدامًا، فالسر هو: كرر، وكرر، وكرر

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق